الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اعلم أيها السائل وليعلم إخواني أن التعزية مشروعة بالإجماع، تعزية أهل
الميت مشروعة بالإجماع ومستحبة بالإجماع .. لكن ما صورة التعزية؟
لم يكن للتعزية صورة معينة على عهد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- فعليه
الأمر في ذلك على التوسعة.
هناك حديث استدل به البعض لمنع جلوس الناس لاستقبال العزاء
وهو حديث ضعيف لا يثبت ولا يصح، ألا
وهو حديث جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: «كنا نَعُدُّ الاجتماع
وصنعة الطعام لأهل الميت من النِّيَاحَةِ».. وهذا الحديث معلول سندًا، سنده معلول لا يثبت، فهو من طريق هُشَيْم عن
إسماعيل بن أبي خالد وبينهما واسطة أسقطها هُشَيْم المدلس، وهذا الواسطة رجل ضعيف قيل إنه
المدائني وقيل إنه شريك، فالحديث لا يثبت سندًا، ومتنًا أيضا فيه نظر؛ فالاجتماع ورد ما يدل عليه؛ كانت عائشة - رضي الله
عنها - إذا مات لها الميت واجتمعت عندها النسوة ثم انصرفن وبقيت خاصتها تصنع لهم التَّلْبِينَة
وتقول: إنها مُجمَّة – أو مَجَمَّة - لفؤاد المريض مذهبة لبعض الحزْن.
فكانت النسوة
يجتمعن عند عائشة لتعزية عائشة، قطعا بلا ابتداع في الدين، قطعا بلا صراخ ولا صياح
كالذي تفعله الجاهلات الآن من النساء، إنما التعزية لجبر الخواطر المنكسرة لا بأس
بها.
أما "صنعة الطعام"
الواردة في الحديث: «كنا نَعُدُّ الاجتماع وصنعة الطعام لأهل الميت من النِّيَاحَةِ»؛
الخبر ضعيف، ثم هل المراد اشتراك الطعام مع الاجتماع؟ .. وجهان، إلا أن الحديث
عموما لا يثبت عن النبي، فإذا جلس الناس لاستقبال العزاء فلا أعلم منه مانعًا، لكن حيث لا ابتداع،
حيث لا إسراف، والله أعلم.
|