أما عن
تعدد الزوجات؛ فليس لي أن أتكلم، ورب العزة قال في كتابه الكريم{
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى
وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
} [ النساء:3] أما عن التأصيل في هذه المسألة: هل الأصل
التعدد، أو الأصل الاقتصار عن واحدة؟ فأقول؛ إن التأصيل من أصل أن الأصل التعدد
بناءً على قوله تعالى{
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}
[ النساء:3] تأصيلٌ خطأ ، تأصيلٌ خطأ لماذا؟ لأن الآية جاءت عقب كلام ٍ آخر،
والارتباط وثيقٌ بين الآية وبين ماتقدمها قال تعالى{
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ
مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[
النساء:4] فهذا في تعديد المباح- يعني- كان الرجل
تكون عنده الفتاة اليتيمة يربيها عنده، يريد أن يتزوجها، ولا يريد أن يعطيها صداق،
كصداق أمثالها، فقال الله عزوجل{
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}
أي إن خفتم ألا تعدلوا مع اليتامى في الصداق؛ فالنساء سواهن كثير، تزوجوا من النساء
مثنى إن شئتم ، ثلاث إن شئتم، رباع إن شئتم ، إن خفتم ألا تعدلوا فواحده، فاقتصروا
على الواحدة، فلما جاءت الآية في بيان تحديد المباح؛ لم تكن كتأصيلٍ والله أعلم ،
لكن إذا جاءت الآية، نفترض أن هناك نص - ياأيها الذين آمنوا انكحوا ماطاب لكم من
النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً أو ماملكت أيمانكم - حينئذٍ
تكون تأصيلاً ، لأن الأصل المثنى والثلاث والرباع ، لكن ولكونها جاءت تزهيداً في
شيئٍ وهو ظلم اليتامى، وتنفيراً منه، وبياناً للمباح، لم تكن تأصيل كما أقول لك،
على سبيل المثال؛ يا أخي لا تأكل البصل، كل تفاح ورمان وبرتقال، وغير ذلك ، ليس
معنى أنني أؤصل أصولاً لاستحباب أكل هذه الأشياء ، إنما بإباحة أكل هذه الأشياء،
وترك المكروه الذي هو البصل، والله تعالى أعلم ، لكن عموماً، أبيح تعدد الزوجات في
كتاب ربنا، في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وإن كان هناك قيدٌ في كتاب الله عزوجل
{ فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً
} [ النساء: 129] ، وقيدٌ في سنة رسول الله(مَنْ
اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ
) فإذا كان الشخص لا يستطيع الباءة بقسميها، سواء كانت الباءة المتمثلة في الانفاق
على الأسرتين أو كانت الباءة متمثلة في اعفاف الزوجتين ، وكذلك، إن كان يأمن على
نفسه الجور أنه لن يجور إذ الله قال {
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً
} [ النساء: 129] فحينئذٍ؛
يجوز له، أما إن خشي على نفسه أن يظلم زوجةً من الزوجات أو خشي على الزوجات من أن
يُعفهن أو خشي على الزوجات من ألا يستطيع الإنفاق عليهن ، فالاجتزاء على واحدةٍ
أولى وأسلم ، والله أعلم، أما عن إباحة التعدد؛ فليس لي أو لغيري أن يتكلم في
إباحته، وقد أباحه الله سبحانه وتعالى ، وسنه النبي عليه
الصلاة والسلام، والله أعلم