|
أسباب السعادة والفلاح في الدارين
| أسباب السعادة والفلاح في الدارين 52009 زائر 27-11-2012 06:51 الشيخ مصطفى العدوي | الحمد
لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذل، ولا
إله إلا الله والله أكبر.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا *
قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ
فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا
لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ
أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا}
[الكهف 1-5].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُعز ويُذل، ويُكرم ويُهين، ويَخفضُ
ويَرفعُ، ويُضحك ويُبكي -سبحانه وتعالى- كل يوم هو في شأن، يرفع أقوامًا ويخفض
آخرين، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، يولج الليل في النهار ويولج
النهار في الليل -سبحانه وتعالى-، أمات وأحيا.له الخلق، الخلق خلقه، والأمر أمره، يقضي في خلقه بما يشاء، ويفعل في خلقه ما يريد.
سبحانه إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون، {أَمَّنْ
يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الأَرْضِ} [النمل:
62].
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله بين يدي الساعة بالحق بشيرًا ونذيرًا،
صلوات ربي وسلامه على البشير النذير محمد بن عبد الله، نسأل الله أن يُكرم منزلته،
وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه مقامًا محمودًا الذي وعده، ذاك النبي الذي
هو على خلق عظيم كما وصفه ربه الكريم {وَإِنَّكَ
لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}
[القلم: 4].
جعلنا الله وإياكم من أتباع هذا النبي الكريم، ومن الواردين على حوضه، اللهم آمين.
أيُّها الإخوة -بارك الله فيكم وحفظكم الله- تعلمون -بارك الله فيكم- أن الحوادث
التي تمرُّ بنا، وأن المصائب التي تحلُّ بنا يلزم منها والمستفاد منها أن نرجع إلى
طريق الله -سبحانه وتعالى. فإذا تسببت لنا الحوادث في رجوع إلى الله فهي حوادث حميدة، وطالعها طالعٌ مبارك،
وإذا تسببت لنا الحوادث في بُعدٍ عن طريق الله -سبحانه وتعالى- فهي شؤمٌ وبلاء. أما
إذا قرَّبتنا من طريق الله فنعمَّا هي، هكذا الحوادث بخيرها وشرها، إن ردتنا إلى
طريق الله فنعمَّا هي، وإن صرفتنا عن ذكر الله فبئسما هي.
إن ربكم قال في كتابه الكريم: {وَمَا
أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ}[الأعراف:
94]. لماذا؟ قال تعالى: {لَعَلَّهُمْ
يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف:
94. فأحيانًا الشدة تمرُّ بنا، وتحلُّ بنا لإلجائنا إلى التضرع إلى الله -سبحانه وتعالى-
{لَعَلَّهُمْ
يَضَّرَّعُونَ} ونحوه في التنزيل قوله -جل ذكره: {وَلَقَدْ
أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ}
[الأعراف: 130]، أي بسنوات الشدة والبلاء. وَنَقْصٍ مِّن
ٱلثَّمَرَاتِ}
لماذا هذا؟ قال تعالى: {لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ}
ذلك أن الطغيان كثيرًا ما يُنسينا شكر الله، وكثيرًا ما يُنسينا الاستقامة على طريق
الله.
قال تعالى: {كَلَّا
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى}
[العلق 6، 7]، فإن رأى الإنسان نفسه مستغنيًا عن البشر وعن الخالق؛ بدأ في الطغيان،
وبدأ في الكبر والتعالي، فكان من ثَمَّ ابتلاءات تحلُّ به لإظهار ضعفه، لإظهار عجزه
حتى يرجع إلى طريق الله -عز وجل- وحتى يتواضع للخالق، ثم بعدُ للمخلوقين.
أيُّها الإخوة، لا يخفى عليكم ما تمرُّ به بلادنا من أحداث، وفي خضمِّ هذه الأحداث
لابد من تزكية النفس، وتهذيبها، فهذا الذي يُستفاد من الأحداث.
فعلينا أن نبحث عن أسباب السعادة والفلاح، ونختلف عن غيرنا كمسلمين في أننا نبحث عن
أسباب السعادة والفلاح في الدارين، أما غيرنا فيبحث عن أسباب سعادته وفلاحه في
الدنيا فحسب.
أما نحن فنبحث عن أسباب السعادة والفلاح لنا في دنيانا وفي آخرتنا على السواء، ذلك
بأن الدار الآخرة {لَهِيَ
ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}
[العنكبوت: 64]، أي هي الحياة الباقية لو كانوا يعلمون. غيرنا قاصر النظر يبحث عن
سعادته في دنياه فحسب.
أما نحن فينبغي أن نمهِّد لأنفسنا في آخرتنا، فما الحياة الدنيا برمتها، {وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}
[الرعد: 26].
فكان لزامًا أن نبحث عن سعادتنا في الدنيا وفي الآخرة، وكان لزامًا على المصلحين
وعلى الساسة الذين يسوسون البلاد أن يبحثوا عن أسباب السعادة في الدنيا وعن أسبابها
لهم ولأممهم في الآخرة كذلك.
فإن نبينا الأمين قال: «يؤتى بأنعم رجلٍ كان في الدنيا فيُصبغ صبغة في النار فيُقال
له: يا ابن آدم هل وجدت نعيمًا في حياتك قط؟
فيقول: لا والله يا رب، ما وجدت نعيمًا في حياتي قط.
ويؤتى بأبأس رجل كان في الدنيا، فيُصبغ صبغة في الجنة فيُقال له: يا ابن آدم، هل
وجدت بؤسًا في حياتك قط؟
فيقول: لا والله يا ربِّ، ما وجدتُ بؤسًا في حياتي قط».
فكان لزامًا أن نمهِّد لأنفسنا في آخرتنا، إذ الله قال: {يَاأيُّها
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
[الحشر: 18].
لقد قال ربكم الأعلى: {قَدْ
أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى}
[الأعلى: 14].
وقال تعالى: {قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}
[الشمس: 9].
أما الفلاح فهو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب، وأعظم مطلوب لنا أن يرضى عنا
ربنا، وأن يورثنا الجنان، وأعظم مرهوب لنا نرهبه أن يسخط علينا ربنا وأن يُدخلنا
النار.
فهذا أعظم مرهوب يُرهَب.
يقول تعالى: {قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}
[المؤمنون: 1]، أي نالوا مطلوبهم.
ما صفات المؤمنين الذي يُفلحوا في الدنيا والآخرة علنا نلتمسها؟. علَّنا نسلم، ولا
تجرفنا الأحداث، ولا تجرفنا السياسات، ولا تجرفنا الإذاعات عن ذكر الله -عز وجل.
إننا إذا ابتعدنا عن ذكر الله استحوذت علينا الشياطين من كل صوبٍ ومن كل حدبٍ.
قال تعالى: {وَمَنْ
يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ *
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}
[الزخرف 36، 37]، فلزامًا أن نبحث عن أسباب الفلاح.
مطالعها في سورة المؤمنون، يقول تعالى: {قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}
[المؤمنون: 1]، فازوا بمطلوبهم، ونجوا من مرهوبهم.
ما أعمالهم؟ ما صفاتهم؟
{الذين هم في
صلاتهم خاشعون} [المؤمنون:
2]، فصُدِّرت صفات المؤمنين بصفة الخشوع في الصلاة، صُدِّرَت الصفات الجالبة للفلاح
بالخشوع في الصلاة، {الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
[المؤمنون: 2].
ولذلك أسباب:
أولها: أن نسأل ربنا أن يرزقنا الخشوع في الصلاة، قد كان من تعوذات نبيكم -عليه
الصلاة والسلام: «اللهم
إني أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع، وعلم لا ينفع، وعينٍ لا تدمع، ودعاءٍ لا يُسمَع، ونفسٍ
لا تشبع».
فلتكن التعوذات لكم شأنًا ولكم ديدنًا كما كان رسولكم يفعل. فاتخذوها دعاءً،
واتخذوها تعوذات تتعوذون بها.
ثم وكما قال نبيكم: «لا
صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان»،
فإذا أقبلت إلى الصلاة أقبل وأنت فارغ الذهن، فارغ البال، حتى لا تنشغل عن التدبر،
حتى لا تنشغل عن التفكر، حتى تدرك معنى «سمع الله لمن حمده»، تعرف أن الله -عز وجل-
يسمعك إذا حمدته، ويُجيبك إذا حمدته، فأقبل على الصلاة بقلب فارغ متفرغ لها، وأقبل
على الصلاة غير مدافعٍ للجوع، وغير مدافعٍ للأذى حتى تستطيع أن تتفكر.
اصرف عن نفسك أثناء صلاتك كل ما من شأنه أن يشغلك عن التدبر والتفكر.
إن نبيكم قال لعائشة -وقد علَّقت قِرامًا فيه تصاوير: «يا
عائشة، أميطي عنا قرامكِ، فلا زالت تصاويره تعرض لي في صلاتي».
إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوبٍ له أعلام، فلما انصرف قال: «اذهبوا
بخميصتي، وائتوني بإمبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي»،
فكل ما من شأنه أن يشغلك عن الصلاة اصرفه عن نفسك حتى تقف بين يدي الله سائلًا
راجيًا خاشعًا متدبرًا للآيات، فاهمًا للأذكار، افعل ذلك واحرص عليه، فذاك من أسباب
الفلاح.
{الَّذِينَ هُمْ
فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}
[المؤمنون 2، 3]، واللغو: كل ما لا فائدة فيه من الأقوال والأعمال، فشأن المؤمن
الإعراض عن كل ما لا فائدة فيه من الأقوال والأعمال، لا يتكلم كثيرًا؛ بل كما قال
ربكم: {وَإِذَا
مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}
[الفرقان: 72]، كما قال ربكم: {وَإِذَا
سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ
أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}
[القصص: 55].
كما ناشدكم نبيكم محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام-: «من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر؛ فليقل خيرًا أو ليصمت».
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "إذا استوى عندك الوجهان في الكلام، فلم تدرِ
أفي الكلام خير، أم أن الكلام فيه شرٌّ؛ لزمكَ الإمساك؛ لأن النبي قال: «فليقل
خيرًا أو ليصمت»".
فإذا لم تتأكد أن الكلام فيه خير؛ لزمك الإمساك عنه.
أيُّها الإخوة، إن ربكم يقول: {لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ
أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ
فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
[النساء: 114].
{لا خَيْرَ فِي
كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ}،
أكثر كلامكم، وأكثر مناجاتكم لا خير فيها إلا مناجاة مَن أمر بصدقة أو معروف أو
إصلاح بين الناس، فحافظ على لسانك، لا تخض به مع الخائضين، لا تتكلم إلا بالنافع،
لا تردد ما تقوله الصحف، ولا الفضائيات إلا إذا تأكدتَّ من صدقه ومن نفعه، فإذا كان
صدقًا وليس بنافع فلا تتكلم به، وإن كان ليس بصدقٍ فلا تتناوله؛ لأنك ستُقاضَى بين
يدي الله وستُحاكم بين يدي الله، فلا يكن شأنك أن تقول: سمعت الناس يقولون فقلتُ
مثلما يقولون.
إنك ستُحاكم بين يدي ربك، وستسأل عن الصغير والكبير، وعن الجليل والحقير، ستُسأل عن
كل شيء، وعن كل مَن تكلمتَ فيهم سواء كانوا وُضعاء فقراء، أو كانوا من ذوي المناصب
والوجهات، فإذا تكلمت في شخصٍ كائن مَن كان، تكلمتَ في وزير، تكلمتَ في حقير، تكلمت
في رئيس، تكلمت في عبد، تكلمت في امرأة؛ ستُوقف بين يدي الله وستُسأل عن كلامك الذي
تكلمت به، وعن الأعراض التي انتهكت، وعن الألفاظ التي قيلت. فكن دقيقًا في كلامك،
فلا تتكلم إلا بالنافع، فشأن أهل الإيمان الذين هم عن اللغو معرضون.
حتى الأنين الذي يئنُّه المريض، لقد قال قائل للإمام أحمد بن حنبل وهو في مرضٍ شديد
يئنُّ من شدَّة المرض، يتأوَّه، يقول: آه آه -من شدة المرض.
فقال له قائل: يا إمام، إن الإمام طاووس بن كيسان يقول: إن الأنين يُكتب؛ لأن الله
قال: {مَا يَلْفِظُ
مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
[ق: 18].
فما أنَّ الإمام أحمد رحمه الله تعالى حتى مات، لم يُسمع للإمام أحمد أنينٌ بعد ذلك
حتى مات رضي الله عنه.
فاستبدل الأنين بكلمة الحمد لله.
قل: الحمد لله، تنوَّر صحائفك، تسعد يوم القيامة بلقياها عند الله، فهي من الباقيات
الصالحات التي قال تعالى عنها: {وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا}
[مريم: 76].
فلا تجرفنَّكم الأحداث في الخوض مع الخائضين؛ بل كن رزينًا، كن عاقلًا، فإنك ستُسأل
بين يدي الله عن القيل والقال، ولن ينفعك ما سمعته وما قلته إلا إذا كان خيرًا ترجو
به لقاء الله عز وجل.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ
هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}
[المؤمنون: 3]، واللغو كما سلف، ضابطه كل ما لا فائدة فيه من الأقوال والأعمال.
ثم يقول تعالى: {وَالَّذِينَ
هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}
[المؤمنون: 4]، للزكاة بقسميها:
- زكاة النفس: يزكون النفس بالاستغفار، بالتحلل من المظالم، بذكر الله، بالاستماع
إلى المواعظ، بردِّ المظالم إلى أهلها، يزكون النفس بتلاوة القرآن، يزكون النفس
بالتفكر في آيات الله، بالتفكر فيما يُحيط بهم، يزكون النفس باستماع قصصِ النبيين،
وقراءة قصص الصالحين، يحرصون على تزكية النفس، {قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}
[الشمس: 9].
- {وَالَّذِينَ
هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}
[المؤمنون: 4]، للزكاة التي أوجبها الله مؤدُّون، فإن البخل بها كبيرة من أعظم
الكبائر، وهدمٌ لركن أصيل من أركن الإسلام.
لقد قال النبي محمد -عليه الصلاة والسلام: «ما
من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاته إلا صُفِّحت له صفائح من نار يُكوى به وجهه
وجبينه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم ينظر مقعده من الجنة ومقعده من النار».
وفي الحديث الآخر: «ما
من صاحب مالٍ لا يؤدي زكاة ماله إلا مُثِّلَ له ماله -صُوِّرَ له ماله- شجاع أقرع -حيَّة
عظيمة ضخمة تساقط شعرها من شدَّة السمِّ الذي به- شجاع أقرع له زبيبتان -أي ناتئتان
حول رأسه من شدة السم- يطارده وهو يفرُّ منه، فيقول: أنا كنزُكَ، أنا مالُكَ، لا
يستطع أن يفر منه، لا يستطع الفكاك، يناوله يده فيقضمها كما يقضم الفحل، فلا يقنع
باليد؛ بل يلتف حول رقبته ويدخل في فمه، فيشرشر شدقه إلى قفاه، وشدقه الآخر إلى
قفاه»، وتلا -عليه
الصلاة والسلام: {وَلاَ
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً
لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
[آل عمران: 180].
أيُّها الإخوة، لا تغفلوا عن الزكاة المفروضة، وأتبعوها بصدقة النفل، {وَمَا
أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
[سبأ: 39].
ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن فرَّج عن مسلم كربة من
كُرَبِ الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
أيُّها الإخوة، إننا في وقتٍ ينبغي أن نتعاون فيه على البر والتقوى، وأن يعين الغني
منَّا الفقير فيعطيه مما منَّ الله به عليه كما قال ربكم: {لِيُنفِقْ
ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}
[الطلاق: 7].
وكما قال نبيكم: «مَن
كان عنده فضل زادٍ فليَعُدْ به على مَن لا زاد له، مَن كان عنده فضل ظهر فليَعُد به
على مَ له ظهر له»،
فمَن كان مؤثرٌ فهذا أوان الإنفاق، والناس في احتياج، فلا تُغَلِّ عليهم الأسعار؛
بل ابذل من مالك الزائد عن حاجتك في وقت الشدائد والأزمات ما ينفعك الله به يوم
القيامة، وما يعينك الله به على اقتحام العقبة، فإن من أسباب تجاوز العقبة الكؤود
يوم القيامة: الإنفاق في أيام المجاعات.
قال تعالى: {فَلَا
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}
[البلد 11، 12]. ثم بيَّن أسباب اقتحامها قائلًا: {فَكُّ
رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}
[البلد 13، 14]، أي ذي مجاعة.
{يَتِيمًا ذَا
مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْمَيْمَنَةِ} [البلد
15-18].
أيُّها الإخوة، ومن أسباب الفلاح كما قال ربكم: {وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}
[المؤمنون: 5]، حافظون للفروج، حافظون لها من الزنى المحرم، ومما يفعله قوم لوط،
حافظون للفروج من نظر الناس إليها.
سُئل النبي: يا رسول الله، عوراتنا منا نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ
عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك».
هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام.
وكذا حافظون للفروج من الاستمناء القبيح الذي يفعله من قلَّت مراقبته لله، قال
تعالى: {وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}
[المؤمنون: 5].
ولحفظها أسباب، ومن أسباب حفظها: المبادرة بالزواج، «يا معشر الشباب، من استطاع
منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم،
فإنه له وجاء»، لقد قبل الكليم موسى -عليه السلام- أن يعمل أجيرًا لمدة ثمانِ سنين
من أجل عفَّة فرجه، {إِنِّي
أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي
ثَمَانِيَ حِجَجٍ}
[القصص: 27]، قَبِلَ -عليه السلام- هذا العرض.
إن نبيَّنا -عليه الصلاة والسلام- ما تردد في أن يتزوج بامرأة تكبره بخمسة عشر
عامًا وكانت ثيِّبًا من أجل عفَّة فرجه، فبادروا أيُّها الشباب بالزواج والتزويج،
تزويج البنات وتزويج الأبناء على وجه السرعة إعفافًا للمسلمين وإعفافًا للمسلمات.
وسحقًا للقوانين الباطلة التي ترفع سنَّ الزواج إلى ثمانية عشر عامًا بلا برهانٍ من
كتابٍ منير، ولا من سنَّة ميمونة، فليس في الكتاب والسنَّة حجب الأبناء والبنات عن
الزواج حتى يبلغوا ويبلغن ثمانية عشر عامًا.
من أسباب عفَّة الفروج: غض الأبصار عن كل محرم، غض الأبصار عن النساء المحرمات، وعن
المردان، غض الأبصار عن القنوات الساقطة الهابطة، غض الأبصار عن القنوات الإباحيَّة
الآثمة.
لا تظن -يا عبد الله- أنك إذا أغلقت الغرفة على نفسك، وأغلقت الأبواب، وسترت الستور
أن الله -عز وجل- يغفل عنك، لا تظن وأنت تقلب صفحات القنوات الفاجرة أن الله يغفل
عنك، كلا؛ بل هو عليك رقيب، قال تعالى: {وَمَا
تَكُونُ فِي شَأْنٍ}
[يونس: 61]، في أي شأن من شؤونك.
{وَمَا تَكُونُ
فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ
كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}
[يونس: 61]،فلا تظن أنك إذا أغلقت الأبواب على نفسك أن الله لا يراك، كلا؛ فربك
يراك.
لقد قال ربكم: {أَلَمْ
يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}
[العلق: 14]، ألم تعلم أيُّها الشاب الذي أغلقت الأبواب على نفسك وبدأت تنتهك
الحرمات، ألم تعلم بأن الله يرى؟!
لقد قال تعالى في كتابه الكريم في وصايا لقمان لولده: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا} أي
المعمولة، صغيرة كانت أو كبيرة.
{إِنْ تَكُ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ}
أي فتكن عُمِلَت.
{فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} [لقمان:
16]، إن عملت يا بني آدم السيئة في أي مكان، في صخرة أحاطت بك، في جبل من الجبال،
في غابة من الغابات، في أي مكان في السماء أو في الأرض؛ سيأتيك بها ربك يوم القيامة
ويوافيك بها.
لقد قال ربكم: {بَلِ
الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}
[القيامة: 14].
لو أرخيت عليك ستورك، وأغلقت عليك أبوابك؛ فعيناكَ عليك شاهدتان، جسمك عليك شاهد،
أرضٌ تُقِلُّك تشهد عليك، سماءٌ تظلُّك تشهد عليك، فاحفظ نفسك وراقب ربَّك.
وكما قال الإمام
أحمد -رحمة الله تعالى عليه:
إذا ما خلوْتَ
الدّهرَ يوْماً ** فلا تَقُلْ: خَلَوْتُ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة ** وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيبُ
كلا؛ بل ربك يراك
ويعلم شأنك ويعلم حالك، فاحفظ نفسك، واحفظ فرجك، قال تعالى: {إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا}
[الإسراء: 36].
قال تعالى: {وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}
[المؤمنون 5-7]، استدل بها الشافعي الإمام -رحمة الله عليه- على أن الاستمناء حرام.
{فَمَنِ ابْتَغَى
وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}
[المؤمنون: 7]، لكل الأمانات، العلم أمانة لزامًا أن تؤدَّى إلى أهلها، ولا يجوز
لعالم ولا لشيخ أن يغشَّ الناس، وأن يذَّكرهم بما ليس فيه نفع؛ بل لكل مقامٍ مقاله
اللازم واللائق به، فالعلم أمانة لزامًا أن تُؤدَّى.
والطبيب مؤتمن، والمستشار مؤمن، والمعلم مؤتمن، والزوجة مؤتمنة على فرجها وعلى مال
زوجها وعلى رعيتها، كلكم على أمانات يجب أن تؤدُّوها إلى أهلها.
{وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}
[المؤمنون: 8]، لكل العهود حتى مع الكفار، حتى مع أهل الكفر، إذا عاهدتَّ الكافر
عهدًا لزمك الوفاء به.
{يَا أيُّها
الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}
[المائدة: 1]، ومن العقود التي يفي بها الشخص: ما استُحلَّت به الفروج.
قال -عليه الصلاة والسلام: «إن
أحق الشروط بالوفاء ما استحللتم به الفروج».
العقود عند الزواج، إن اشترطت المرأة شروطًا واشترط أولياؤها شروطًا فوافقتَ عليها؛
لزمك الوفاء بها، لا تغش، لا تدلِّس، فكما تدين تدان.
قال -عليه الصلاة والسلام: «يُنصب
لكلِّ غادر لواءٌ يوم القيامة عند إسته، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان»،
فيا أيُّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود.
{وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
[المؤمنون 9-11].
جعلنا الله وإياكم من أهل الفردوس، ألا واستغفروا ربكم إنه كان غفارًا.
وكما أنه خلق السماوات السبع الشداد خلق ربُّكم سبع سماواتت شداد قويَّة مُحكمة لم
يغفل عن سائر الخلائق، ربكم الذي خلق السماوات السبع الشداد لم يغفل عن تدبير أمر
النملة في حجرها، ولا أمر الوحوش في أوكارها، ولا أمر الحيتان في بحارها، ربكم الذي
خلق السماوات السبع الشداد لم ينشغل بخلقهن عن تدبير أمر الخلائق،
{وَمَا كُنَّا عَنِ
الْخَلْقِ غَافِلِينَ}
[المؤمنون: 17]، فأخذ العلماء من ذلك معنًى جليلًا كريمًا، ألا وهو: أن الله لا
يشغله كبير عن صغير، ولا جليل عن حقير، فمِن ثَمَّ وكما أننا نسأل الله الفردوس وأن
ينصر الإسلام والمسلمين أيضًا نسأله كلَّ ما نحتاج إليه.
إذا جُعْتَ يا عبد الله قل: يا رب أطعمني.
إذا عطَشتَ يا عبد الله، قل: يا رب اسقني.
إذا مرضتَّ: يا رب اشفني.
أصابك همٌّ: يا رب اصرف عني الهم.
أصابك حزن: يا رب اصرف عني الحزن.
ولدك أرهقك: يا رب اهدِ ولدي.
فلا تعجز عن الدعاء بالكبير والصغير، بالجليل والحقير.
«يا عبادي، كلكم
ضالٌّ إلا مَن هديتُه، فاستهدوني أهدكم. كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم.
كلكم جائع إلا مَن أطعمته، فاستطعموني أطعمكم»،
فلا تعجز عن الدعاء، ولا تنساه، فمتفاح كلُّ خيرٍ أن توفَّق لدعاء الله.
قد استجاب ربكم لنوح عليه السلام لما دعا ربه إني مغلوب فانتصر، ففُتِحَت أبواب
السماء بما منهمر، وفُجِّرت الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمر قدر قُدِر.
سلَّم الله الخليل إبراهيم من نارٍ كانت عليه بردًا وسلامًا بسبب الدعاء، سلَّم
الله موسى بسبب الدعاء، سُخِّرَت لسليمان الريح بسبب الدعاء، محمد عليه صلوات الله
وسلامه سيد ولد آدم، رسول الله الكريم سلِمَ له أمره يومَ بدرٍ وفي كل شأنه بسبب
الدعاء.
إذا كان ربُّكم يناديكم في الثلث الأخير من كلِّ ليلة: «من
ذا الذي يسألني فأعطيه، مَن ذا الذي يدعوني فأجيبه، مَن ذا الذي يستغفرني فأغفر له»،
فلِمَ تتخلفون عن الدعاء؟
إن ربكم يقول: {ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
[غافر: 60].
إن ربكم يقول: {أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ}
[البقرة: 186].
إن ربكم يقول: {هُوَ
الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
[غافر: 65].
أيُّها الإخوة، إننا في مصر ولا يخفى عليكم الضعف الذي يعتري أمة محمد، لا يخفى
عليكم ما تمرُّ به أمة محمد من حالات لا يكشفها إلا الله، فاسألوا الله لبلادكم
ولبلاد المسلمين الأمان والسلامة أن يسلمها الله، وأن يُخرجها من هذه البليات التي
تمر بها مخرجًا كريمًا، مخرجًا ترجع به إلى كتاب الله، ترجع به إلى سنة رسول الله،
ينصلح لها أمرها في الدنيا وفي الآخرة، فسلوا ربكم أن يُديم عليكم الإيمان، وأن
يُديم على بلادكم الإيمان والأمان، سلوا ربكم -سبحانه وتعالى- أن يحكِّم فيكم كتابه
وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-
وأن يولي عليكم الأخيار،
وأن يصرف عنكم الأشرار.
اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم
اصرف عنا الأشرار وكيد الفجار يا رب العالمين.
اللهم يا ربنا يا وليَّ أهل الإسلام خذ بأيدينا ونواصينا إلى البر والتقوى، خذ
بأيدينا ونواصينا إلى برِّ الأمان والسلام، إلى جناتك جنات النعيم.
اللهم احقن الدماء، اللهم احفظ دماء المسلمين، واحقنها يا رب العالمين، وجنب بلادنا
الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين.
اللهم عليك بكل مَن يكيد للإسلام وللمسلمين، اللهم اجعل كيده في نحره، وتدبيره في
تدميره يا رب العالمين.
يا رب إليك الأمر وإليك المرد، بيدك الأمر وبيدك خزائن كل شيء، يا رب تولى أمرنا،
وأصلح شأننا، واغفر ذنبنا، وأقِل العثرات، واغفر الزلَّات، واستر العورات، واستر
السوءات يا رب العالمين.أيُّها الإخوة، سلوا ربكم أن يحشركم مع النبي المصطفى
والرسول المجتبى محمد بن عبد الله في أعلى جنة الخلد في الفردوس مع المنعَمِ عليهم
من النبيين والصدِّقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا.
أيُّها الإخوة، لا تنسوا الآباء والأمهات والمسلمين والمسلمات الذين فارقوكم
ووارتهم القبور، لا تنسوهم بدعوة صالحة، لعل الله أن يؤنس وحشتهم، لعل الله أن يفسح
لهم في قبورهم، وأن ينوِّر لهم فيها.
فاسألوا الله أن يرحم الأموات أموات المسلمين، اللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين،
اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وفكَّ أسرانا وأسرى
المسلمين، واقضِ الدَّينَ عنَّا وعن المدينين. اللهم آمين.
أيُّها الإخوة، معنا ملائكة، ولله الحمد مؤمنون بالملائكة، معنا ملائكة تشهد الجمعة،
تقف على أبواب المساجد تستمع الذكر، تسجِّل الدَّاخل أولًا بأولٍ، تكتب أقوالكم،
تكتب مقالكم، تنقل صلاتكم منكم إلى رسولكم محمد، فيا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا
عليه وسلِّموا تسليمًا.
صلوات ربي وسلامه على النبي الكريم محمد، صلوات ربي وسلامه على النبي الكريم الأمين
محمد.
ألا وأقم الصلاة، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما
تصنعون.
| |
الدرس السابق
| الدروس المتشابهة
| الدرس التالي
|
|