الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأقول وبالله تعالى التوفيق: هذا الأخ أو غيره عقد على امرأة وبنى بها، وبعد البناء بيوم
أو يومين شعر بعدم ارتياح فطلقها، وكان قد كتب لها مؤخرًا وقائمة عفش .. الأخ يسأل:
هل إذا طلقتها أكون ظالمًا لها؟
إذا طلقتها لعدم الارتياح مع إعطائها كل حقوقها فلست بظالم لها ولا عليك
إثم، ولكن الأولى أن تتصبر فإن الأشخاص في بدايات الزواج كثيرا ما يحدث مثل هذا ثم
بعد؛ يحدث - بإذن الله - مع الدعاء ومع الائتلاف الوفاق، فكنصيحة أنصح بالإبقاء
عليها زمنًا علَّ نفسك أن تهدأ، علك تجتهد في الدعاء، علك تُرزق منها بولد، ورب
العزة يقول:{...فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] .. إلى غير ذلك من الفضائل التي
تتأتى من وراء الزواج، أما إذا طلقت؛ فكما أسلفتُ إذا أديتَ إليها حقوقها لست
بآثم، والله أعلم.
أما كنصح فأنصحك بالإبقاء زمنًا، بارك الله فيك.
أما عن شخص يصلي
صلاة استخارة ويدعو بدعاء الاستخارة وبعد ذلك يتزوج ولا يُوفق في ظاهر الأمر بل
يطلق، وهذا في تصوره أنه يخالف الاستخارة التي استخار .. فأقول وبالله تعالى التوفيق: إن الاستخارة دعاء عقب
صلاة فتسري عليه أحكام الدعاء سواءً بسواء، فأحيانًا الشخص يدعو ولا يستجاب له .. كيف ذلك؟ ورب العزة يقول: {...ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} [غافر:60]، ويقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ...} [البقرة:186]،
فالعلماء يوردون أجوبة هنا قد ذكرتها في باب آخر مفصلة، عشرة أجوبة يوردها العلماء
في هذا المقام؛ لماذا يدعو
الشخص ولا يرى أنه قد استجيب له؟
فأقول وبالله تعالى التوفيق:
هنا ثلاثة أمور يذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث واحد: «ما من عبد يدعو
بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطي بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، إما أن يصرف عنه من السوء مثلها،
وإما أن تدخر الإجابة للآخرة« .. فالثواب كائنٌ سواءً في الدنيا أو في الآخرة؛ إما
أن تعجل له دعوته، أو يصرف عنه من السوء سوء كان سيحل به، أو يدخر له الجواب
للآخرة.
الوجه الرابع الذي يذكره العلماء في مثل حالتك: أن الدعاء قد تشوبه أمور تجعله يتخلف فمثلا: الشخص كان مرتكبًا لآثام ودعا ربه فقد تتخلف الإجابة لأنه ظلم
شخصًا، فإذا كنت ظلمت شخصًا - على سبيل المثال - وكنت تدعو فقد يكون هذا الدعاء لا
يُتقبل بسبب دعاء المظلوم عليك، المظلوم يقول: يا رب: أفعل به وأفعل .. ودعوة
المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، أو يكون المأكل والمشرب فيه شبه؛ والنبي ذكر الرجل يطيل
السفر أَشْعَثَ أَغْبَرَ يمد يديه إلى السماء يقول: يا رَبِّ، يا رَبِّ، مطعمه
حرام، مشربه حرام، ملبسه حرام، غذي بالحرام فأنى يُسْتَجَابُ له.
وهناك
أيضا أمور أخر وصلنا بها إلى عشرة أمور منها: أن الله - عز وجل - وإن أطلق القول في
قوله: {...ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} [غافر:60]، لكن قُيد في آية
أخرى: {...فَيَكْشِفُ
مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} [الأنعام:41]
فعلى كل حال لا تتخلف أبدا عن الاستخارة فهي نوع دعاء ولكن أكثر من
الاستغفار وانظر في أمرك وحالك: هل أنت ظلمت أحدا من الناس أم لا؟
والله أعلم.
|